أطلقت مؤسسة الرؤيا الفلسطينية دراسة “واقع قطاع الطفولة في محافظة القدس: الأسباب الرئيسية للعنف، التعذيب، سوء المعاملة، والتطلعات المستقبلية.” وهي أول دراسة تحليلية شاملة ومتخصصة ترصد حجم الانتهاكات التي تعرض لها أطفال القدس في السياق الزمني الذي واكب عدوان السابع من أكتوبر وجريمة الإبادة الجماعية على المواطنين في قطاع غزة وأثره على الطفولة المقدسية، كما قدمت تحليلاً للأسباب الجذرية والمُمنهجة للعنف والتعذيب وسوء المعاملة بحق أطفال القدس، وبناء فهم أوضح للبيئة المعقد داخل القدس والتحديات التي تواجه العمل الميداني للمؤسسات المختصة بحقوق الأطفال.
فيما تمثلت أبرز أنماط الانتهاكات للطفولة في محافظة القدس في جرائم القتل والإيذاء العمدي، الاعتقالات التعسفية، سياسة الحبس المنزلي، التعذيب وسوء المعاملة، التعذيب النفسي الحرمان من التعليم وغيرها. فإن الأسباب الرئيسية للعنف والتعذيب وسوء المعاملة تتمثل في الاحتلال الاستعماري ونظام الأبرتهايد الشب ما يشمل نظام تشتيت الهويات، الاقامة الدائمة المشروطة، جدار الضم والطوق الأمني الذي يعزل الأحياء ويفرض الواقع الغير القانوني على الأرض. هذا إضافة لمجموعة من العوامل الداخلية التي تساهم في زيادة نسب الفقر، التسرب المنزلي، أعمال العنف، تشتت العائلات وغيرها. إضافة لمحدودية وشح الموازنات والتدخلات الغير مستجيبة لأولويات الناس، وغياب أجهزة الرصد والرقابة وقاعدة البيانات المحلية التي توثق واقع وحالات الأطفال الذين يتعرضون للعنف.
عام 2023 كان الأكثر دموية بحق أطفال القدس بنسبة ارتفاع وصلت إلى 250%
أشارت أبرز نتائج الدراسة إلى ارتفاع عالي جداً وغير مسبوق في حالات القتل العمد للأطفال، ووصلت في محافظة القدس وحدها 17.5% من مجموع ضحايا الأطفال في جميع المحافظات كما أن نسبة الاعتقالات بحق أطفال القدس تفوق حجم الاعتقالات التي طالت الاطفال في المحافظات المختلفة “مجتمعة” خلال السنوات التي سبقت السابع من اوكتوبر 2023. كما ان سياسة الحبس المنزلي بحق الأطفال المقدسيين جعلت من الأهل “سجانين ومسجونين” في عقاب جماعي وأدت إلى آثار نفسية واجتماعية كارثية.
لا سياسة وطنية واضحة أو موازنة مخصصة للقدس والطفولة المقدسية.
في ظل عدم تفعيل قانون العاصمة، وغياب السياسة الوطنية الموحدة في مواجهة سياسة الاضطهاد والأربتهايد، تبقى القدس منعزلة وفي حالة من الاغتراب ويبقى الوضع في حالة يُنذر ” بإنهيار” صمود المواطنين تجاه القضية الفلسطينية واتجاه حماية حقوق الأطفال المقدسيين والمؤسسات المقدسية.
فيما يتعلق بالتوصيات فقدمت الدراسة إلى احترام اتفاقيات جنيف (المادة الأولى المشتركة) لحماية الطفولة المقدسية، تفعيل فتوى العدل الدولية وقرار الجمعية العامة 2024 بعدم شرعية الاحتلال، تعزيز الدعم المالي والبرامجي المباشر والمستدام للمؤسسات المقدسية، وتوثيق مستقل للانتهاكات وفق معايير الأمم المتحدة والجنائية الدولية. ‘ما فيما يتعلق بالمستوى الوطني الفلسطيني فتدعو الدراسة إلى بلورة سياسة وطنية شاملة وتشاركية للقدس والطفولة المقدسية، تفعيل قانون العاصمة 2002 وتخصيص موازنة مستقلة للقدس، إعداد أنظمة تنفيذية للقانون بالشراكة مع المجتمع المقدسي، بناء وحدات رصد وتوثيق وقاعدة بيانات بملكية محلية وتعزيز برامج التدريب في الرصد والمناصرة والمساءلة وغيرها.
يذكر أن الدراسة آُعدت بالتعاون مع الخبير في القانون الدولي وحقوق الانسان د.عصام عابدين، ضمن مشروع “معًا نستطيع”، بالشراكة مع منظمة طفل الحرب، مركز علاج وتأهيل ضحايا التعذيب ومركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية – شمس.